#مجزرة_الدامور

 الدامور ...لن ننسى😪

قصر الرئيس شمعون في السعديات في ٢١ ك٢ ١٩٧٦

 شارل سركيس. .

اليومان الاخيران من معركة الدفاع عن قصر السعديات وأهالي الدامور الموجودين في داخله بحسب شهادة الرئيس السابق للأركان في نمور الاحرار القائد جورج أعرج – كوجاك.

في 18 كانون الثاني 1976 اتصل الريس داني لاسلكيا بجورج أعرج قائد ثكنة نعيم بردقان في نمور الأحرار في عين الرمانة و طلب منه تجهيز فرقة خاصة من النمور و التوجه باسرع وقت الى قصر السعديات لان المعارك إشتدت والحصار يتزايد ولتخفيف الضغط عن الشباب المقاتلين من ابناء الدامور الذين يستبسلون في الدفاع عن بلدتهم مقابل قوات عاتية تفوقهم عديدا وعتادا بانتظار وصول قوة من المغاوير كان الريس داني قد تلقى وعدا من قيادة الجيش بإرسالها بقيادة العقيد الركن محمود طي ابو ضرغم قائد فوج المغاوير.

للصدفة سمع الاتصال اللاسلكي أيضا السيد فادي خوري صاحب فندق السان جورج الذي كان لديه هو أيضا هواية الاجهزة اللاسلكية تلك الهواية التي كانت سائدة في تلك الايام، وكان من المجموعة التي تضم الريس داني و جلالة الملك حسين رحمه الله.

بدوره اتصل السيد فادي خوري بجورج أعرج ليتأكد منه انه تلقى رسالة الريس داني نظرا لأهميتها، فاكد له كوجاك انه تلقى الرسالة بشكل واضح وشكره على اتصاله.

على الفور دعا جورج أعرج قادة المجموعات في الثكنة وابلغهم برسالة الريس داني وطلب منهم تجهيز نخبة من مقاتلي النمور للانطلاق فورا الى السعديات. وقد ضمت هذه الفصيلة قادة المجموعات الخاصة في الثكنة وهم غسان نعمة وجوزف بارود    (J&B)  وطوني غزال (السكستين) ومجموعة مختارة من النمور كونت فصيلة من المقاتلين المحترفين.

فور جهوز القوة اتصل كوجاك بالشيخ رشيد الخازن مفوض كسروان في الحزب وأبلغه ما طلب منهم الريس داني والوضع المأساوي لبلدة الدامور وهرب الاهالي الى قصر السعديات. سأله فورا الشيخ رشيد الرئيس شمعون لا يزال في القصر مع داني؟ فاجابه كوجاك نعم. فقال له الشيخ رشيد ما ان تصلوا حتى تجدوا كل شيئ مهيئا لكم.

وصلت القوة ليلاً الى مرفأ ال ATCL في جونية حيث وجدوا الشيخ رشيد في إنتظارهم و قد جهز لهم مركبا يقوده الحاج ليقلهم الى السعديات. سلام وكلام سريع وصعدت القوة الى المركب وما هي إلا لحظات حتى دارت محركات المركب وانطلق الى عرض البحر.

وقف الشيخ رشيد على رصيف المرفأ يلاحق تحرك المركب في ذلك الليل الدامس خاصة أن الطقس كان عاصفاً وبارداً جدا والامواج عاتية حتى في خليج جونية التي لا يهمها هدير البحر. رمق الشيخ رشيد المركب يغيب عن نظره ويختفي في لجج الليل المجنون ولم يشعر بنفسه الا متمتما بجملة خرجت من أعماق قلبه: الله والعدرا سيدة لبنان يحموكن يا شباب ويحموا اهل الدامور ويوصلكون بالسلامة.

ولكن ما ان انطلق المركب واصبح في عرض البحر حتى تعطل أحد محركيه قبالة رأس بيروت. وكان الفلسطينيون والمرابطون وسائر فصائل القوات المشتركة قد سمعوا نداء الريس داني اللاسلكي فاستعدوا لذلك وبدأوا بمراقبة البحر بانتظار مرور المركب. وبالفعل ما ان عاينوه في عرض البحر حتى بدأوا إطلاق النار باتجاهه من رشاشاتهم الثقيلة مستهدفين المركب المترنح في عرض البحر. أخذ الرصاص ينهمر حول المركب كزخات المطر المتساقط من السماء ما اضطر ربان المركب الى المناورة قدر المستطاع لتفادي الاصابة بالنيران التي تطلق باتجاهه من الشاطىئ المقابل. استمرت رحلة المركب الذي لم يتعرض للاصابة وبمحرك واحد وسط الامواج المتلاطمة حتى بلغ مع بزوغ فجر يوم 19 كانون الثاني 1976 شاطئ السعديات حيث وجد النمور قائدهم داني في انتظارهم.

يأخذ جورج أعرج نفساً عميقاً ويفرك جبهته محاولا نقل ما المفاجأة التي كانت تنتظره في قصر السعديات هو والمقاتلين الذين كانوا برفقته. فقد كان الوضع أسوأ بكثير مما كان يتوقعه. فما ان صعدت المجموعة الى القصر مع الريس داني حتى رأوا المئات من أهالي الدامور من نساء وشيوخ وأطفال مكدسين جنبا الى جنب بعد ان التجأوا هربا من المذابح في بلدتهم الى قصر الرئيس شمعون في السعديات. شق المقاتلون طريقهم بين الاهالي واتجهوا الى حيث كانت تنتشر قوة من نمور الأحرار في محيط القصر وانضمت فصيلة المقاتلين الآتية من عين الرمانة اليهم.

كان الريس داني يحمل بندقية م 16بيده مع بعض مماشط الذخيرة. لم  يتفوه بأي كلمة بعد ان استقبل القوة الاتية من بيروت.

توجه كوجاك للريس داني بالسؤال : وينو فخامة الرئيس وكيفو؟ أجابه داني الرئيس منيح عم يحكي مع الاهالي ويطمنن هلق بتشوفو المهم جبتو ذخيرة معكون من بيروت؟ لقد بدات ذخيرتنا بالنفاد وشحت كثيرا ولم يعد لدينا الكمية الكافية للدفاع عن القصر ومحيطه ولحماية أهلنا لان المعارك كانت شديدة جدا ولم تتوقف الهجمات طوال الليل واحس الاهالي بالخطر الداهم واعتراهم الخوف الشديد، خاصة بعد ان وصلت أخبار المذابح التي ارتكبها الفلسطينيون في أطراف الدامور من بعض العائلات التي نجت ووصلت الى القصر والرئيس شمعون يتنقل بينهم يحاول طمانتهم قدر المستطاع كي لا تخرج الامور عن طورها ويصيبهم الهلع وتدب الفوضى مما سيؤدي الى كارثة علينا وعليهم. وكان جورج أعرج قد عاين بالفعل الوضع المأسوي بأم العين. فالحقائب والثياب مبعثرة على الارض وعدد من الاهالي أضاعوا أطفالهم في معمعة هروبهم من الدامور الى قصر السعديات وكل يسأل عن أطفاله أو أقربائه او جيرانه الذي فقد اثرهم.

عقد الريس داني اجتماعا على الفور مع جورج أعرج وقادة القوة المرافقة ووضعوا خطة للدفاع عن القصر والمقيمين فيه. وما أن إنتهى الاجتماع حتى دخل عليهم الرئيس شمعون فوقفوا جميعا احتراماً له. فبادرهم بالقول: "لا لزوم للرسميات ولا لشرح الوضع. لقد رأيتم الأهالي وهؤلاء أمانة في أعناقنا، قد نعود لنلتقي او لا نلتقي، ولكن المهم ألا يبقى أحد منا على قيد الحياة ليشاهد ذبح أهلنا أمام عيوننا. أخيرا سأخبركم قصة مختصرة قد تعرفونها في اليونان القديمة هاجم الفرس بجيش عظيم الأراضي اليونانية بهدف احتلالها واستعباد أهاليها. لكن ما لم ينتظره الفرس بجيشهم اللجب ان تتصدى لهم فرقة مقاتلين محترفين من مدينة اسبرطة قوامها ثلاثمئة رجل وتعرقل تقدمهم مانحة اهل اليونان الوقت الثمين لتحضير انفسهم للمواجهة. طبعا إنتهت المعركة أخيرا بموت جميع مقاتلي اسبرطة واجتاز موقعهم الجيش الفارسي ودخل الى اليونان واحتل الاراضي ومن ثم عاد وانهزم وطواه النسيان. لكن التاريخ لا يزال إلى اليوم يشيد ببطولة المقاتلين الاسبرطيين ويخلد ذكراهم وتضحيتهم لينقذوا اهلهم ويذودوا عن ارضهم. وانا لا أراكم أقل منهم شأنا فأنتم اليوم ستصنعون التاريخ، فمقاتلو إسبرطة ليسوا أهم من نمور لبنان. الله يرد عنكن ويحميكن". وأدى لهم التحية فردوا عليها بالمثل واستدار وعاد الى حيث يتجمع الاهالي.

إثر مغادرة الرئيس شمعون إنطلق المقاتلون الى مواقعهم فتوجه غسان نعمة مع مجموعته الى ما كان يسمى قلعة النمور المواجهة مباشرة لقصر السعديات، وهو المركز الذي كان يتدرب فيه النمور قبل اندلاع الحرب في 13 نبسان 1975مزوداً برشاش 12/7واتخذوا مراكزهم القتالية. في هذه الاثناء كان صوت الاشتباكات داخل بلدة الدامور يصل الى قصر السعديات. فقد كان أبناء الدامور الشجعان يحاولون تأخير هجوم القوات الفلسطينية يساندهم نايف أبو عتمة قائد مجموعة من النمور حيث دارت معارك عنيفة جدا من منزل الى اخر وحتى استعمال السلاح الأبيض عند الالتحام في بعض المواقع. ولم ينسحب هؤلاء المقاتلون رغم الخسائر الجسيمة في صفوفهم قبل تأمين خروج جميع الاهالي تقريبا الى قصر السعديات بمواكبة قوة من الجيش اللبناني.

ليل 19-20 كانون الثاني 1976 بدأ الهجوم الكبير للفلسطينيين بعد ان تخللت النهار اشتباكات متفرقة مستغلين غطاء الظلام لإخفاء تقدمهم عن المدافعين عن القصر ومحيطه.

تصدى غسان نعمة للهجوم تسانده مجموعة من مقاتلي السريان في نمور الاحرار من موقعه في قلعة النمور وظل يرشقهم بزخات من رشاش ال 7/12 يسانده المقاتلون بالاسلحة المتوسطة والخفيفة والفلسطينيون يقصفونه بالقذائف الصاروخية والهواوين حتى انهار سقف القلعة فوق رؤوسهم وتدحرج هو ورفاقه المقاتلين ورشاش 12/7 الى الطريق الدولية المواجهة للقصر. في الوقت نفسه كان هناك جيب يحمل رشاش دوشكا يؤمن الحماية لمدخل القصر تعرض ايضا لاطلاق نار كثيف جدا وواجه المهاجمين الفلسطينيين بشجاعة ورد عليهم ايضا بشكل عنيف حتى أصيب الجيب بقذيقة ب7 ادت الى استشهاد المقاتل البطل واحتراقه مع الجيب الذي كان متمركزا عليه.

وكانت قد وصلت ايضا قوة من المغاوير التي كان قد طلبها سابقا الريس داني من قيادة الجيش وتمركزت في فيلا غندور الملاصقة لقصر السعديات وخاضت معركة شرسة جداً مع الفلسطينيين لأن الفيلا كانت تضم أيضاً عائلات هربت من الدامور وكانت خط الدفاع الاخير امام وصول الفلسطينيين الى قصر السعديات حيث معظم الاهالي والرئيس شمعون. وكانت هذه القوة بقيادة العقيد محمود طي ابو ضرغم قائد فوج المغاوير والنقيب المغوار أنيس طوبيا.

نفدت تقريبا الذخيرة التي كانت بحوزة مقاتلي نمور الاحرار الذين كانوا يصدون الهجوم عن القصر فكان ان بادر العقيد نزيه حمادة بتأمين الذخيرة لمجموعة غسان نعمة التي كانت متمركزة خارج اسوار القصر والى الريس داني وجورج أعرج والمقاتلين المتمركزين داخل القصر.

واستمرت المعركة واخذت تزداد شراسة والفلسطينيون يتقدمون حتى وصلوا الى شجر الخروب خارج القصر على حافة الاوتوستراد الدولي، ونفدت تماما الذخيرة من المدافعين عن القصر ولم يتبق معهم الا مسدساتهم ليواجهوا بها المهاجمين.

ومع بزوغ فجر 20 كانون الثاني 1976وبعد ليل طويل من جحيم المعارك تسلل ثلاثة مقاتلين فلسطينيين الى داخل القصر بعد ان قفزوا من فوق السور المحيط به. فقام الريس داني وجورج أعرج ورفاقهم بالتصدي لهم بالمسدسات وتمت تصفيتهم داخل السور. لكن يبدو ان احد المتسللين كان لا يزال على قيد الحياة فأخذ يستغيث مناديا احد رفاقه ويدعى صالح ليسرع الى مساعدته بسبب اصابته البليغة. فسمعه الريس داني وجورج أعرج فقال الريس لجورج لا اريد ان اسمع صوته يستغيث طالبا النجدة كي لا يسمعه رفاقه خارج السور فيرسلون قوة لانقاذه. أسكته، فذهب اليه جورج واسكته.

سال الريس داني كوجاك كم عدد خسائرنا؟ فاجابه 7 مقاتلين من النمور استشهدوا عندما انهار سقف قلعة النمور عليهم ولم يتمكن رفاقهم من سحب جثثهم إنما تمكنوا من سحب الرفيق غسان نعمة الذي كان قد اصيب في مختلف انحاء جسده وهو على الرمق الأخير.

في ظل هذا الضعط الكبير عادت قوة من المغاوير وتمكنت من ايصال كمية من الذخيرة الى داخل القصر وقام العقيد ابو ضرغم بالاتصال بقيادة الجيش طالبا منها التفاوض مع منظمة التحرير لإجلاء الاهالي من القصر. وبالفعل جاء الرد سريعا ووافقت منظمة التحرير على وقف لاطلاق النار وارسلت من قبلها ضابطا يدعى مأمون للتفاوض يرافقه قائمقام الشوف فاضل حموية وعقدوا اجتماعا ضم الضابط الفلسطيني وقائمقام الشوف وجورج ديب نعمة وداني شمعون وجورج أعرج والعقيد ابو ضرغم.

ولكن من هو الضابط مأمون؟

عندما وقع نظر الريس داني على الضابط الفلسطيني المرسل من قبل منظمة التحرير للتفاوض بادره داني بالقول : يا اخو الشرموطة بعدك لاحقني لهون؟

تبين ان الضابط مأمون كان مسؤول مخيم الضبية عندما طوقت قوات من نمور الاحرار بقيادة داني شمعون والقوات الحليفة المخيم وبدأوا بإجلاء الاهالي منه، وتوجه يومها مأمون بكلام ناب الى الريس داني فعاجله الريس بلكمة على وجهه كسرت له فكه.

فأجابه الضابط مأمون حيث تلقى اللكمة من داني، واضعاً يده على فكه انت الآن تحت رحمتي. 


قبل ذلك كان الريس داني وجورج أعرج والمقاتلين رفاقهم واثناء سريان وقف اطلاق النار قد جمعوا جثث 23 مقاتلاً فلسطينياً واخذوا بطاقاتهم وتبين انهم جميعا ينتمون الى جيش التحرير الفلسطيني. رد عليه الريس داني بنبرة عالية: انا ما بقعد تحت رحمة حدا وسحب من جيبه بطاقات المقاتلين الفلسطينيين ورماها بوجه الضابط مأمون.

هنا تدخل العقيد ابو ضرغم لإنقاذ الموقف وقال لداني دعنا يا ريس داني نحل الامور بهدوء، فأجابه داني انا ما بقعد تحت رحمة حدا. خللي يشوف مين قاعد تحت رحمة مين.

مع ذلك بدأ الاجتماع بين الطرفين وتوصلا فيه الى اتفاق خطي موقّع منهما. كان الفلسطينيون في ذلك الوقت قد أقفلوا المعابر البرية من ناحية حارة الناعمة باتجاه بيروت ومن الجية باتجاه صيدا والطريق البحرية مقفلة بقوة النيران. وقد تم الاتفاق على إجلاء الاهالي براً وبحراً. فغادر قسم منهم عن طريق البر والبعض الاخر عن طريق البحر بواسطة القوارب الى البواخر التي كانت تنتظرهم في عرض البحر. وقد تم ايضا إجلاء المصابين من مقاتلي نمور الاحرار وباقي العناصر المقاتلة حيث اجبرهم الريس داني على مغادرة القصر. وتم نقل الجميع الى البارجة صور التابعة للجيش اللبناني وبقي في قصر السعديات داني شمعون وجورج أعرج وجورج ديب نعمة ومارون الفران على اساس ان الاتفاق تضمن عدم التعرض لمن يبقى في القصر وذلك بضمانة الجيش اللبناني بعد ان يكون قد تم إجلاء جميع الاهالي والمقاتلين. وتم اتصال بين الريس داني والرئيس سليمان فرنجية الذي وعده بارسال قوة اضافية من الجيش لحماية القصر والمتواجدين فيه. حتى ان الرئيس شمعون قرر بناءً على هذا الاتفاق ان يعود للسكن في قصر السعديات. وكان في اليوم نفسه ان أتى عبدو جابر مرتين على متن طوافة عسكرية موفدا من قبل الرئيس شمعون للاطمئنان إلى داني وجورج أعرج ومن بقي معهما من المقاتلين.

في اليوم نفسه واثناء سريان وقف اطلاق النار لاحظ المقاتلون وجود سيارة جيب رانج روفر زرقاء اللون في داخلها مسلحون. توجه نحوهم جورح أعرج حاملا رشاشه بيده وداني حاملا مسدسه، وما ان توجهوا اليهم بالسؤال عن غايتهم حتى اجابوهم فعرفوا من لكنتهم انهم لبنانيون من الحزب التقدمي الاشتراكي أتوا ليطمانوا على السيد جورج ديب نعمة وهم من بيت الدنف من بعلشميه، وسألوا ايضا عن العقيد ابو ضرغم. وعندما اخذوا أجوبتهم بأنهما بخير حاولوا الانطلاق بسيارتهم ولكنها تعطلت فحاولوا اصلاحها وبعد ساعة طلبوا رفاقا لهم وسحبوا السيارة وانسحبوا معها.

ومع حلول الليل نقض الفلسطينيون اتفاقهم وبدأوا باطلاق الرصاص بشكل كثيف على قصر السعديات واخذوا ينادون بمكبرات الصوت ويهددون بقتل الريس داني لتأكدهم من وجوده داخل القصر وانه لم يغادر مع الاهالي ومقاتلي النمور. استمر اطلاق النار الكثيف طوال الليل. عندها توجه العقيد ابو ضرغم الذي كان مع عناصر من المغاوير داخل القصر الى الريس داني وقال له : لقد تشاورت مع الرئيس شمعون وقال لي ان عليكم مغادرة القصر فورا لان البقاء فيه يعرضكم للموت المحقق. فوافق الريس داني، وذهب العقيد ابو ضرغم وعاد بعد قليل جالبا معه بزات للجيش اللبناني فلبسوها جميعهم وصعدوا في الجيب الخاص بالعقيد ابو ضرغم وخرجوا معه من قصر السعديات تحت ستار عناصر من قوة المغاويرالتابعة له دون ان يلاحظهم الفلسطينيون المتمركزون خارج اسوار القصر وعلى امتداد الأوتوستراد الدولي وداخل بلدة الدامور التي ارتكبوا فيها اشنع المجازر بحق المدنيين الذين لم يلتجئوا الى القصر وبقوا في منازلهم. وقدر جورج أعرج عدد المقاتلين الفلسطينيين الذين شاركوا في المعركة بالآلاف.

فجر 21 كانون الثاني 1976

توجه الجيب الذي يقل العقيد ابو ضرغم والريس داني وجورج أعرج وجورج ديب نعمة ومارون الفران الى فيلا غندور ومنها نزلوا الى شاطئ السعديات حيث كانت تنتظرهم قوارب دنغي عسكرية نقلتهم الى البارجة الحربية "صور". وقد أتى عبدو جابر في اول دنغي اصطحب فيه الريس داني ومارون الفران والدنغي الثاني اقل جورج أعرج وجورج ديب نعمة. وما ان صعدوا جميعهم الى البارجة حتى تفاجأوا بوجود الرئيس كميل شمعون على متنها ولم يكن احد يعلم انه سيأتي لملاقاتهم.

وما ان أدارت البارجة "صور" محركاتها متجهة صوب القاعدة العسكرية في جونية حتى وقف الريس داني ينظر الى البلدة التي أحبها كثيرا الدامور وهي تحترق وتتصاعد ألسنة النار والدخان من منازلها ويسمع إطلاق الرصاص ابتهاجا بسقوطها بعد ان دافع ابناؤها المقاتلون الشجعان عنها حتى الرمق الاخير وسقطوا وسلاحهم بيدهم وذبح اهاليها الابرياء في منازلهم. 

أخذ داني يجول بنظره من الدامور على امتداد الساحل حتى قصر السعديات  ينظر الى الرئيس شمعون  حيناً  والى جورج أعرج حيناً  اخرى. فساله جورج أعرج ما بك ؟

لقد قاتلنا قتال الابطال وسقط لأهل، الدامور ولنا الكثير من الشهداء ولكن والحمدلله تمكنا من اخراج معظمهم دون ان يمسهم سوء. ارى الحزن في عينيك مع نظرة قاسية متجهمة. قل لي ماذا يدور في خلدك

فالتفت الريس داني الى الرئيس شمعون الذي بقي طوال الوقت صامتا ومن ثم الى جورج أعرج وقال له بنبرة قاسية :

سوف اجعلهم يبكون دما على الفظائع التي ارتكبوها بحق اهلي في الدامور، فسأله جورج أعرج وكيف تنوي فعل ذلك؟

أجابه داني دون تردد : تل الزعتر.

#مجزرة_الدامور

#فخامة_الرئيس_الملك_كميل_شمعون

#النمر_الشهيد_داني_شمعون


https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=5352300588113705&id=100000014491471

Comments